منتديات الــهاشــم

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات الــهاشــم

أهلا بكم في رحاب الهاشم الحوثي


    علم الحساب عند الإمام ( علي كرم الله وجهه )

    القناص
    القناص


    عدد الرسائل : 229
    العمر : 30
    الموقع : القناص العربي ــ
    تاريخ التسجيل : 26/09/2007

    علم الحساب عند الإمام ( علي كرم الله وجهه ) Empty علم الحساب عند الإمام ( علي كرم الله وجهه )

    مُساهمة  القناص السبت ديسمبر 22, 2007 8:32 am

    عِلمُ الحِساب

    عند الإمام علي عليه السلام

    بقلم

    أحمد محمد جواد محسن

    مقدمة

    ليس غريباً أن يكون الإمام علي ، عالماً متمكناً في العلوم الفقهية و اللغوية و أوليات علم الحساب التي تخص عمليات توزيع الإرث و تحصيل الزكاة و حل بعض المسائل الحسابية المتضمنة كسوراً ، و هو الذي تربى في أحضان النبوة و نهل علمه منها ، حيث يقول الرسول الكريم محمد ( صلى الله عليه و آله ) : " أنا مدينة العلم و علي بابها ، فمن أراد العلم فليأت بابه " [1] . و في هذا المقام يقول عباس محمود العقاد : فقلَّ أن سمعنا بعلم من العلوم الإسلامية أو العلوم القديمة لم ينسب إليه ( أي للإمام علي ) ، و قَلّ أن تحدث الناس بفضل لم ينحلوه إياه ، و قلّ أن يوجه الثناء بالعلم إلى أحد من الأوائل إلاّ كانت له مساهمة فيه [2] . و يقول أيضاً : تبقى له ( للإمام علي ) الهداية الأولى في التوحيد الإسلامي و القضاء الإسلامي و الفقه الإسلامي ، و علم النحو العربي و فن الكتابة العربية . مما يجوز لنا أن نسميه أساساً صالحاً لموسوعة المعارف الإسلامية في العصور أو يجوز لنا أن نسميه موسوعة المعارف الإسلامية كلها في الصدر الأول في الإسلام . و تبقى له مع هذا فرائد الحكمة التي تسجل له في ثقافة الأمة الإسلامية على تباين العصور [3] . و هنا نحب أن نشير أنه حتى أبي العلاء المعري يقول عن الإمام علي ( عليه السلام ) [4] :

    و على الأفق في دماء الشهيد *** ين علي و نجله شاهدان

    فهما في أواخر الزمان فجرا ***ن و في أولياته شفقان

    و إضافة إلى ما يمتلكه الإمام علي ( عليه السلام ) من علم و نفاذ بصيرته فإنه ما فتئ يحثّ على طلب العلم و يذكر أهميته فيقول على سبيل المثال : تعلّم العلم فإنه إن كنت غنياً زانك ، و إن كنت فقيراً صانك . ثروة العلم تنجي و تبقي ، و ثروة المال تهلك و تفنى . ثروة العاقل في علمه و ثروة الجاهل في ماله . و يقول أيضاً : كل وعاء يضيق بما جعل فيه إلاّ وعاء العلم فإنه يتسع به [5] .

    و سنحاول في هذه الدراسة أن نبين مآثر الإمام علي ( عليه السلام ) و براعته في علم الحساب من خلال النظر في ثلاثة أعمال هامة له و هي :

    نهج البلاغة ، و المسائل الحسابية التي حلها بسرعة و دقة تامة ، و الشعر المنسوب إليه .

    أولاً ـ نهج البلاغة :

    إن خطب الإمام و رسائله و وصاياه التي وردت في نهج البلاغة تعجّ بمفاهيم حسابية كالأعداد و الكسور و وحدات قياس الطول و تعبيرات رياضية ، و فيما يلي بعضاً منها :

    الأعداد :

    لقد وردت الأعداد صغيرها و كبيرها كثيراً في نهج البلاغة ، فقد ذكر الإمام علي ( عليه السلام ) على سبيل المثال :

    الأول : في وصية له لابنه الحسن فيقول : أي بني ! إني و إن لم أكن عمّرت عمر من كان قبلي ، فقد نظرت في أعمالهم ، و فكّرت في أخبارهم ، و سرت في آثارهم ، حتى عدت كأحدهم ، بل كأني بما انتهى إليّ من أمورهم قد عمّرت مع أولهم إلى آخرهم [6] .

    و ذكر الواحد و الاثنين في وصية له ( عليه السلام ) ، وصّى بها جيشا بعثه إلى العدو بقوله : و لتكن مقاتلتكم من وجه واحد أو اثنين ، و اجعلوا لكم رقباء في صياصي الجبال ، و مناكب الهضاب ، لئلاّ يأتيكم العدو من مكان مخافة أو أمن [7] .

    و ذكر الثلاثة و الاثنتين في كلام له في توبيخ أصحابه على التباطؤ على نصرة الحق : ياأهل الكوفة ! منيت بكم بثلاثة و اثنتين : صم ذوو أسماع ، و بكم ذوو كلام ، و عمي ذوو أبصار ، لا أحرار صدق عند اللقاء ، و لا إخوان ثقة عند البلاء ، تربت أيديكم [8] .

    و قال ( عليه السلام ) و هو يذكر الرقم أربعة : من أعطي أربعاً لم يحرم أربعا : من أعطي الدعاء لم يحرم الإجابة ، و من أعطي التوبة لم يحرم القبول ، و من أعطي الاستغفار لم يحرم المغفرة ، و من أعطي الشكر لم يحرم الزيادة [9] .

    و في الرقم خمسة قال ( عليه السلام ) : أوصيكم بخمس لو ضربتم إليها آباط الإبل لكانت لذلك أهلا : لا يرجون أحد منكم إلاّ ربه ، و لا يخافن إلاّ ذنبه ، و لا يستحين أحد منكم إذا سئل عما لا يعلم أن يقول " لا أعلم " ، و لا يستحين أحدا إذا لم يعلم الشيء أن يتعلمه ، و عليكم بالصبر فإن الصبر من الإيمان كالرأس من الجسد ، و لا خير في جسد لا رأس معه ، و لا في إيمان لا صبر معه [10] .

    و السبعة ذكرها في كلام له في التبرؤ من الظلم : واللّه لو أعطيت الأقاليم السبعة ، بما تحت أفلاكها على أن أعصي اللّه في نملة أسلبها جلب شعيرة ما فعلت [11] .

    و من العشرات ورد الرقم عشرة في قوله لما عزم على حرب الخوارج : مصارعهم دون النطفة ! واللّه لا يفلت منهم عشرة ، و لا يهلك منكم عشرة [12] .

    و قد ورد أيضا ذكر العشرين و الستين في خطبته و هو يحثّ على الجهاد و يذمّ القاعدين : للّه أبوهم !! و هل أحد منهم أشد لها مراسا و أقدم فيها مقاما مني ؟ لقد نهضت فيها و ما بلغت العشرين ، و ها أنا ذا قد ذرفت على الستين ، و لكن لا رأي لمن لا يطاع [13] .

    و من المئات ذكر المائة في خطبة له ، يقول : لا تسألوني عن شيء فيما بينكم و بين الساعة ، و لا عن فئة تهدي مائة و تضل مائة إلاّ أنبأتكم بناعقها و قائدها و سائقها [14] .

    و من الاُلوف ذكر الألف بقوله : اللّهم مث قلوبهم كما يماث الملح في الماء ! أما واللّه لوددت أن لي بكم ألف فارس من بني فراس بن غنم [15] .

    و ذكر القرن ( و هو مائة عام ) في خطبة الأشباح بقوله : و لم يخلهم بعد أن قبضه مما يؤكد عليهم حجة ربوبيته ، و يصل بينهم و بين معرفته ، بل تعاهدهم بالحجج على ألسن الخيرة من أنبيائه ومتحملي ودائع رسالاته ، قرنا فقرنا ، حتى تمت بنبينا محمد ( صلى الله عليه و آله ) حجته ، و بلغ المقطع عذره و نذره [16] .

    الكسور :

    و الكسور هنا كالخمس و الثلث و النصف ، الخ . . . فمثلاً جاء ذكر الخمس في قوله : إن القرآن أنزل على النبي ( صلى الله عليه و آله ) و الأموال أربعة : أموال المسلمين فقسمها بين الورثة في الفرائض ، و الفئ فقسمه على مستحقيه ، و الخمس فوضعه اللّه حيث وضعه ، و الصدقات فجعلها اللّه حيث جعلها [17] .

    و قد ورد ذكر الثلث في كتاب له إلى أمراء البلاد في معنى الصلاة ، بقوله : و صلوا بهم العشاء حيث يتوارى الشفق إلى ثلث الليل [18] .

    و جاء ذكر الكسر تسعة أعشار بقوله : بلادكم أنتن بلاد اللّه أقربها من الماء و أبعدها من السماء ، و بها تسعة أعشار الشر [19] . و النصف جاء في قوله ( عليه السلام ) : الهمّ نصف الهرم [20] .

    وحدات قياس الطول :

    و تقيس هذه الوحدات الأبعاد الصغيرة ، كالإصبع و الشبر و الباع الخ ، كما تقيس الأبعاد الكبيرة كالفرسخ مثلاً .

    فقد ورد الإصبع في جواب له عندما سئل ( عليه السلام ) عما بين الحق و الباطل . فقال : مسافة أربع أصابع . الحق أن تقول : رأيت بعيني ، و الباطل أن تقول : سمعت بأذني [21] . و الشبر جاء ذكره في كتاب له إلى عثمان بن حنيف الأنصاري ، عامله على البصرة ، بقوله : فو اللّه ما كنزت في دنياكم تبرا ، و لا ادخرت من غنائمها وفرا ، و لا أعددت لبالي ثوبي طمرا ، و لا حزت من أرضها شبرا [22] .

    و الشبر كما جاء في لسان العرب هو ما بين أعلى الإبهام و أعلى الخنصر [23] ( إذا فتحتهما ) .

    كما ذكر الفرسخ في كتاب له إلى أمراء البلاد في معنى الصلاة بقوله : و صلّوا بهم العصر و الشمس بيضاء حية في عضو من النهار ، حين يسار فيها فرسخان [24] .

    و الفرسخ كلمة فارسية و يقول عنها ابن منظور في لسان العرب : إن الفرسخ : السكون من المسافة المعلومة في الأرض مأخوذ منه . و الفرسخ ثلاثة أميال أو ستة ، سمي بذلك لأن صاحبه إذا مشى قعد و استراح من ذلك كأنه سكن . و هو واحد الفراسخ ، فارسي معرب و الفرسخ ساعة من النهار [25] . و الفرسخ يساوي ثلاثة أميال أو ستة آلاف متر [26] .

    تعبيرات متصلة بالرياضيات :

    ورد العديد من المصطلحات و التعبيرات تتصل بالرياضيات في خطب الإمام و كلامه . كالطول و العرض و العدد و القسمة و المضاعف و الذرّة و النهاية و الإحصاء و البرهان و الفئة و المسافة و الحساب و غيرها .
    القناص
    القناص


    عدد الرسائل : 229
    العمر : 30
    الموقع : القناص العربي ــ
    تاريخ التسجيل : 26/09/2007

    علم الحساب عند الإمام ( علي كرم الله وجهه ) Empty رد: علم الحساب عند الإمام ( علي كرم الله وجهه )

    مُساهمة  القناص السبت ديسمبر 22, 2007 8:34 am

    الخاتمة :

    في ضوء إجابات المسائل السابقة و غيرها ، برهان ساطع على علم الإمام المحيط و حضوره لديه فيما يجعله حجة على الخلق في جميع العلوم و الفنون ، خصوصاً إذا قسنا ذلك إلى عصر الإمام و الثقافة العلمية المحدودة لناس آنذاك ، و في ذلك يقول عباس محمود العقاد : و لكن هذه الفنون من الثقافة ـ أو جلها ـ إنما تعظم بالقياس إلى عصرها و الجهود التي بذلت في بدايتها [48] .

    و يقول أيضاً : و خلاصة ذلك كله أن ثقافة الإمام ( عليه السلام ) هي ثقافة العلم المفرد و القمة العالية بين الجماهير في كل مقام . من ذلك يمكن القول إن الإمام ( عليه السلام ) يعد أول من عمل في علم المواريث ، كما جاءت في القرآن الكريم ، و أول من قام بحل المسائل الحسابية في صدر الإسلام ، كما يعد أول من تمكن من الفكر الموسوعي الذي يجمع أكبر عدد من فروع المعرفة المختلفة . و لكن من الغريب ، ـ حسب ما لاحظنا ـ أن غالبية كتب تاريخ الرياضيات لم تذكر ذلك ، و هذا أمر يوسف له ، لذلك لابد من إجراء المزيد من البحوث و الدراسات لهذه الحقبة الهامة من التاريخ الإسلامي .
    <hr align=right width="33%" SIZE=1>

    [1] عز الدين ابن الأثير الجوزي ( 1994 ) " أسد الغابة في معرفة الصحابة " تحقيق علي محمد عوض ، دار الكتب العلمية ، بيروت : 4 / 95 .


    [2] عباس محمود العقاد (1967) " عبقرية الإمام علي " دار الكتاب العربي ، بيروت : 190 .


    [3] المصدر السابق : 194 .


    [4] المصدر السابق : 6 .


    [5] علي بن أبي طالب ( 1993 ) " نهج البلاغة " ، شرح محمد عبده : 4 ، مؤسسة الأعلمي بيروت : 671 .


    [6] نهج البلاغة ، مصدر سابق : 529 .


    [7] نهج البلاغة : 501 .


    [8] نهج البلاغة : 217 .


    [9] نهج البلاغة : 657 .


    [10] نهج البلاغة : 643 .


    [11] نهج البلاغة : 468 .


    [12] نهج البلاغة : 132 .


    [13] نهج البلاغة : 92 .


    [14] نهج البلاغة : 210 .


    [15] نهج البلاغة : 87 .


    [16] نهج البلاغة : 204 .


    [17] نهج البلاغة : 688 .


    [18] نهج البلاغة : 571 .


    [19] نهج البلاغة : 66 .


    [20] نهج البلاغة : 658 .


    [21] محسن الأمين ( 1947 ) ، أعيان الشيعة 3 ، القسم الأول طبعة : 2 ، مطبعة الإتقان دمشق : 33 .


    [22] نهج البلاغة : 559 .


    [23] ابن منظور ، لسان العرب 4 ، دار / ادر بيروت : 391 .


    [24] نهج البلاغة : 570 .


    [25] ابن منظور ، لسان العرب : 3 / 44 .


    [26] جلال شوقي (1985) " من تراثنا المنظوم في الرياضيات " ، المجلة العربية للعلوم ، المنظمة العربية للتربية و الثقافة و العلوم ، تونس : 94 .


    [27] نهج البلاغة : 432 .


    [28] نهج البلاغة : 378 .


    [29] نهج البلاغة : 450 .


    [30] نهج البلاغة : 207 .


    [31] نهج البلاغة : 375 .


    [32] نهج البلاغة : 375 .


    [33] نهج البلاغة : 345 .


    [34] نهج البلاغة : 208 .


    [35] محسن الأمين ، أعيان الشيعة ، مصدر سابق : 33 .


    [36] عباس محمود العقاد ، مصدر سابق : 196 .


    [37] محسن الأمين (1983) " أعيان الشيعة " المجلد الأول ، دار التعارف ، بيروت : 242 .


    [38] محمد بن أبي بكر الرازي ( 1984 ) " مختار الصحاح " مؤسسة علوم القرآن ، دمشق : 463 .


    [39] عباس محمود العقاد ، مصدر سابق : 196 .


    [40] محسن الأمين " أعيان الشيعة " ، دار التعارف : 343 .


    [41] المصدر السابق : 343 .


    [42] المصدر السابق : 343 .


    [43] المصدر السابق : 411 .


    [44] حسين علي الشفائي (1990) " الحق المبين في قضاء أميرالمؤمنين " دار كرم ، دمشق : 115 .


    [45] أحمد تيمور ، مصدر سابق : 28 .


    [46] أحمد تيمور ، مصدر سابق : 37 .


    [47] عبدالعزيز سيد الأهل (1980) " من الشعر المنسوب إلى الإمام الوصي علي بن أبي طالب " ، طبعة : 2 ، دار / ادر ، لبنان : 111 .


    [48] عباس محمود العقاد : 210 .

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت مايو 11, 2024 6:56 pm