في جو صنعاني على ضفاف النيل خلق سحره صور ٌ رائعة ومتنوعة عن الفن المعماري لمدينة صنعاء في معرض جعل من جدران المركز الثقافي اليمني بالقاهرة نوافذ مطلة على صنعاء بمآذنها وأسواقها ونوافذها وقمرياتها ، وطبيعة المعيشة فيها ، ومواضع البناء ، وخرائط الحياة عموماً في هذه المدينة الساحرة ، والتي وقع في محبتها عدد كبير ممن عرفها و من سيعرفها ، وذلك لما تحتويه من جمال طبيعي وروح حضارية جمعت بين التلقائية والتنظيم ، وبين جمال البراءة وخبرة الحاذق فكانت تحفة قلَّ أن يجود بمثلها المكان ، أو يكررها في نقاءها وخصائصها الإنسان ، وسط هذه اللوحة الفنية لصنعاء ، كان هناك عدد من المثقفين اليمنيين والعرب و من الدول الصديقة مثل : نيجيريا وغيرها كانوا حاضرين يتقدمهم السفير
د.عبد الولي الشميري سفير اليمن ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية في افتتاح المعرض وحضور الندوة التي أعدها ، وألقاها الأستاذ الدكتور : عبد الرقيب طاهر الأستاذ بكلية الهندسة جامعة صنعاء ، ورئيس مركز الطاهر للاستشارات الهندسية ، صاحب العديد من التصميمات الهندسية الشهيرة والتي من أبرزها ( مبنى الجهاز المركزي ، ونفق التحرير ، واتحاد كرة القدم ، وكلية المجتمع بسوقطرة ، وغيرها ) ، وبعد افتتاح معرض الصور ، بدأت فعاليات الندوة بكلمة للدكتور الشميري ، حيا فيها فكرة هذا المعرض المتميز والمتخصص ، وشكر الدكتور عبد الرقيب طاهر ، وأبدى إعجابه الكبير بالكتاب المطبوع عن صنعاء بما احتواه من صور هندسية متقنة كان هذا المعرض جزءاً مما أحتواه الكتاب ، وبأن مثل هذه الكتب الموسوعية هي الأبقى والأنفع في المنافسة العلمية وتقديم الحضارة اليمنية بطريقة مشرفة ومتناسبة مع روح العصر والعلم معا ، كما تطرق في كلمته إلى الحديث عن حضارة اليمن القديم من معينية و سبأية وحميرية ، وعلاقتها بالحضارات الأخرى فرعونية ، وآشورية ، وكنعانية ، وغيرها مؤكدا تلك الروابط الإنسانية في التأثر والتأثير بين هذه الحضارات وتلاقيها ، ثم بدأ الدكتور عبد الرقيب طاهر ندوته القيمة ، حيث استعرض من خلال كتابه الحديث عن فكرة الكتاب الذي أشرفت علية منظمة المحافظة على المدن الإسلامية ، وقامت بطباعته ضمن مشروعها الكبير ، وبدأ حديثه بعد ذلك عن خصائص صنعاء الجمالية كمدينة تاريخية ذات حضور جمالي ، وقد استشهد بما وصفها به الأديب العربي الكبير " أمين الريحاني " الذي زار صنعاء عام 1928م ، وذكر نصه الشهير عنها ، ثم تحدث عن حدود صنعاء كما ذكرها الهمداني ، في كتابه الإكليل ، وبين واقع عمارة صنعاء واصفا لها بالتراكم الثقافي والمعرفي منذ عصور وقرون حتى وصلت إلى هذا الشكل الجمالي الخاص ، وقد ذكر بأن الإنسان اليمني استطاع أن يبرهن على قدرته الفنية بهذه الروعة فمن خلال الحجر والطين ، والياجور والجص والقضاض صنع هذه اللوحة المسماة بصنعاء ، وهي تلبس حلتها من لون طبيعتها ، وقد ربط بين القمرية و الزهرة من خلال الضوء الذي يخرج من كُوَّتها فيشبه الزهرة ، وتحدث الدكتور عبد الرقيب مفندا قول من كتب عن المدن في الوطن العربي ومنها صنعاء بأنها مدن عشوائية وغير مخططة ، مبينا أنه من خلال الدراسات الخاصة والعميقة لهذه المدن أتضح مدى دقتها وأنها مفعمة بالتناسب والجماليات وليست عشوائية على الإطلاق ، وقد مثل على ذلك بالأشكال الهندسية في طبيعة البناء نفسه وتقسيم أدواره ومنافذه وكل زخارف صنعاء مدروسة وموضوعة بجمالية دقيقة ، وأن كل ذلك التناسق والترتيب لم يأت من فراغ بل إنه نتيجة خبرة معرفية تراكمية طويلة جاءت لتترك لدى القارئ / الناظر في لوحة صنعاء ، ذلك الإحساس الجميل الذي تتركه لوحة فنان تشكيلي بارع أو قصيدة شاعر عذب أو أغنية فنان متألق ، وقد وصف جمال صنعاء المعماري بأنه ينفذ إلى الإنسان من خلال حواسه جميعا بصرية وسمعية ولمسية وشمية ، وحتى ذوقية . ثم تحدث عن أهمية المآذن في العمارة الإسلامية ، ودورها للإعلام بوقت الصلاة والإعلان أيضاً عن أمور الحياة الأخرى ، ثم ركز على قضية مهمة من خلال الدراسة ، وهي بأن الأبعاد بين هذه المآذن لم تكن عشوائية بل هي مدروسة بحيث لا تبعد بعضها عن بعض بأكثر من مائة متر إلى مائة وخمسين مترا ، ثم بيَّن أهمية المقشامة في حياة المدينة ، وسكانها ، وكيف أنها كانت تمثل الرئة بالنسبة للمدينة ، مبينا عددها وأماكن تواجدها ، ودورها الجمالي والنفعي أيضاً ، ثم بين الدكتور المحاضر أهمية العمارة الصنعانية كأحد الأنماط الأربعة التي عرفت عن تاريخ العمارة بشهادة المؤرخين هذه الأنماط هي : الساسانية ، والبيزنطية ، والمصرية ، والصنعانية ، وكيف أن هذه الأخيرة أعطت للعالم منذ وقت مبكر نمط العمارة المعروفة علمياً بـ ( نمط العمارة البُرْجية ) ، ومثالها القديم والتاريخي قصر غمدان والذي بُني في القرن الأول الميلادي ، وما يزال من خلال وصفه تحفةً معمارية فذة ورائدة ، وقد قام الدكتور المهندس عبد الرقيب بوضع نموذج معماري تصوري من خلال الوصف كما جاء به الهمداني في إكليله فكان مثار إعجاب المهندسين في أحد المؤتمرات العلمية ، ومن خلال ذلك يأتي التأصيل للعمارة الصنعانية وجمالياتها الفنية التراكمية ، مما يدل على أن الفن المعماري الصنعاني يعبر عن ثقافة اليمني ، وتطلعاته وكذلك يدل على مهاراته وشخصيته أيضاً بما فيها من بساطة وتعقيد ، وجمالية ونفعية ، ومرح وجد ، وغير ذلك وكله يظهر في طبيعة البناء من مشربيات ونقوش ومنافذ ونوافذ ، وانضباط في الأبعاد والزوايا ، كله يحكي تاريخ الإنسان قبل المكان وينبض بالذكاء كما يشير إلى مواطن الجمال ، تلك كانت محاضرة الدكتور عبد الرقيب طاهر عن جمالية الفن المعماري لصنعاء القديمة ، والتي اختتمت بمناقشات مستفيضة وأسئلة متنوعة شارك بها جمهور الحضور النوعي مؤكدين على تأثرهم بهذا الفن الإنساني الجميل وإعجابهم بطريقة بنائه ، وتنتهي المحاضرة القيمة ، ولكن لا تنتهي جماليات صنعاء ودهشتها المتجددة ، التي ظهرت في انفتاح السؤال ، واستمرار النظر بعمق إلى تلك اللوحات الجميلة عن صنعاء والتي كانت تدعو كل من رآها إلى حبها ، بل وتغازله من طرف خفي بأنها على الطبيعة أجمل منها في الصور ، وأنه لا بد من صنعاء وإن طال السفر .
د.عبد الولي الشميري سفير اليمن ومندوبها الدائم لدى جامعة الدول العربية في افتتاح المعرض وحضور الندوة التي أعدها ، وألقاها الأستاذ الدكتور : عبد الرقيب طاهر الأستاذ بكلية الهندسة جامعة صنعاء ، ورئيس مركز الطاهر للاستشارات الهندسية ، صاحب العديد من التصميمات الهندسية الشهيرة والتي من أبرزها ( مبنى الجهاز المركزي ، ونفق التحرير ، واتحاد كرة القدم ، وكلية المجتمع بسوقطرة ، وغيرها ) ، وبعد افتتاح معرض الصور ، بدأت فعاليات الندوة بكلمة للدكتور الشميري ، حيا فيها فكرة هذا المعرض المتميز والمتخصص ، وشكر الدكتور عبد الرقيب طاهر ، وأبدى إعجابه الكبير بالكتاب المطبوع عن صنعاء بما احتواه من صور هندسية متقنة كان هذا المعرض جزءاً مما أحتواه الكتاب ، وبأن مثل هذه الكتب الموسوعية هي الأبقى والأنفع في المنافسة العلمية وتقديم الحضارة اليمنية بطريقة مشرفة ومتناسبة مع روح العصر والعلم معا ، كما تطرق في كلمته إلى الحديث عن حضارة اليمن القديم من معينية و سبأية وحميرية ، وعلاقتها بالحضارات الأخرى فرعونية ، وآشورية ، وكنعانية ، وغيرها مؤكدا تلك الروابط الإنسانية في التأثر والتأثير بين هذه الحضارات وتلاقيها ، ثم بدأ الدكتور عبد الرقيب طاهر ندوته القيمة ، حيث استعرض من خلال كتابه الحديث عن فكرة الكتاب الذي أشرفت علية منظمة المحافظة على المدن الإسلامية ، وقامت بطباعته ضمن مشروعها الكبير ، وبدأ حديثه بعد ذلك عن خصائص صنعاء الجمالية كمدينة تاريخية ذات حضور جمالي ، وقد استشهد بما وصفها به الأديب العربي الكبير " أمين الريحاني " الذي زار صنعاء عام 1928م ، وذكر نصه الشهير عنها ، ثم تحدث عن حدود صنعاء كما ذكرها الهمداني ، في كتابه الإكليل ، وبين واقع عمارة صنعاء واصفا لها بالتراكم الثقافي والمعرفي منذ عصور وقرون حتى وصلت إلى هذا الشكل الجمالي الخاص ، وقد ذكر بأن الإنسان اليمني استطاع أن يبرهن على قدرته الفنية بهذه الروعة فمن خلال الحجر والطين ، والياجور والجص والقضاض صنع هذه اللوحة المسماة بصنعاء ، وهي تلبس حلتها من لون طبيعتها ، وقد ربط بين القمرية و الزهرة من خلال الضوء الذي يخرج من كُوَّتها فيشبه الزهرة ، وتحدث الدكتور عبد الرقيب مفندا قول من كتب عن المدن في الوطن العربي ومنها صنعاء بأنها مدن عشوائية وغير مخططة ، مبينا أنه من خلال الدراسات الخاصة والعميقة لهذه المدن أتضح مدى دقتها وأنها مفعمة بالتناسب والجماليات وليست عشوائية على الإطلاق ، وقد مثل على ذلك بالأشكال الهندسية في طبيعة البناء نفسه وتقسيم أدواره ومنافذه وكل زخارف صنعاء مدروسة وموضوعة بجمالية دقيقة ، وأن كل ذلك التناسق والترتيب لم يأت من فراغ بل إنه نتيجة خبرة معرفية تراكمية طويلة جاءت لتترك لدى القارئ / الناظر في لوحة صنعاء ، ذلك الإحساس الجميل الذي تتركه لوحة فنان تشكيلي بارع أو قصيدة شاعر عذب أو أغنية فنان متألق ، وقد وصف جمال صنعاء المعماري بأنه ينفذ إلى الإنسان من خلال حواسه جميعا بصرية وسمعية ولمسية وشمية ، وحتى ذوقية . ثم تحدث عن أهمية المآذن في العمارة الإسلامية ، ودورها للإعلام بوقت الصلاة والإعلان أيضاً عن أمور الحياة الأخرى ، ثم ركز على قضية مهمة من خلال الدراسة ، وهي بأن الأبعاد بين هذه المآذن لم تكن عشوائية بل هي مدروسة بحيث لا تبعد بعضها عن بعض بأكثر من مائة متر إلى مائة وخمسين مترا ، ثم بيَّن أهمية المقشامة في حياة المدينة ، وسكانها ، وكيف أنها كانت تمثل الرئة بالنسبة للمدينة ، مبينا عددها وأماكن تواجدها ، ودورها الجمالي والنفعي أيضاً ، ثم بين الدكتور المحاضر أهمية العمارة الصنعانية كأحد الأنماط الأربعة التي عرفت عن تاريخ العمارة بشهادة المؤرخين هذه الأنماط هي : الساسانية ، والبيزنطية ، والمصرية ، والصنعانية ، وكيف أن هذه الأخيرة أعطت للعالم منذ وقت مبكر نمط العمارة المعروفة علمياً بـ ( نمط العمارة البُرْجية ) ، ومثالها القديم والتاريخي قصر غمدان والذي بُني في القرن الأول الميلادي ، وما يزال من خلال وصفه تحفةً معمارية فذة ورائدة ، وقد قام الدكتور المهندس عبد الرقيب بوضع نموذج معماري تصوري من خلال الوصف كما جاء به الهمداني في إكليله فكان مثار إعجاب المهندسين في أحد المؤتمرات العلمية ، ومن خلال ذلك يأتي التأصيل للعمارة الصنعانية وجمالياتها الفنية التراكمية ، مما يدل على أن الفن المعماري الصنعاني يعبر عن ثقافة اليمني ، وتطلعاته وكذلك يدل على مهاراته وشخصيته أيضاً بما فيها من بساطة وتعقيد ، وجمالية ونفعية ، ومرح وجد ، وغير ذلك وكله يظهر في طبيعة البناء من مشربيات ونقوش ومنافذ ونوافذ ، وانضباط في الأبعاد والزوايا ، كله يحكي تاريخ الإنسان قبل المكان وينبض بالذكاء كما يشير إلى مواطن الجمال ، تلك كانت محاضرة الدكتور عبد الرقيب طاهر عن جمالية الفن المعماري لصنعاء القديمة ، والتي اختتمت بمناقشات مستفيضة وأسئلة متنوعة شارك بها جمهور الحضور النوعي مؤكدين على تأثرهم بهذا الفن الإنساني الجميل وإعجابهم بطريقة بنائه ، وتنتهي المحاضرة القيمة ، ولكن لا تنتهي جماليات صنعاء ودهشتها المتجددة ، التي ظهرت في انفتاح السؤال ، واستمرار النظر بعمق إلى تلك اللوحات الجميلة عن صنعاء والتي كانت تدعو كل من رآها إلى حبها ، بل وتغازله من طرف خفي بأنها على الطبيعة أجمل منها في الصور ، وأنه لا بد من صنعاء وإن طال السفر .